الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة هل تداوي الرياضة جراح السياسة، وتحقن الدماء وتُصالح بين الإخوة الأعداء؟

نشر في  05 ديسمبر 2014  (10:23)

حالة احتقان كبير تعيش على وقعها العديد من المناطق داخل كل ولايات الجمهورية نتيجة التصريحات والخلافات السياسية والحزبية وعمليات التجييش التي اعتمدتها بعض الأطراف لتحقيق منافع ومكاسب سياسية على حساب شعب أرهقته المشاكل ودمَّرت أعصابه التصدّعات والخلافات وما تخللها وعقبها من سب وشتيمة واتهامات واتهامات مضادة بين معشر السياسيين.. 

ورغم ما تعانيه الرياضة التونسية من مشاكل وما تتعرّض له من أزمات فإنها تبقى المنفذ الوحيد هذه الأيام لشريحة هامة من الشعب للهروب من خطابات وافتراءات بعض السياسيين الذين اكتسحوا المنابر الإعلامية وحرقوا أعصابنا وساهموا بطريقة أو بأخرى في تأجيج الخلافات بين أبناء الشعب الواحد والترويج لنعرات العروشية والجهوية مفضلين بذلك مصالحهم الحزبية الضيقة على مصالح الوطن والوحدة الوطنية..
إن تأجيج الخلافات وإشعال النيران سيؤدي إلى عواقب وخيمة على بلادنا وسيُمهد الى التنازع والتناحر اللذان يؤديان بدورهما الى الفشل وضعف الوطن وتشتت الأمة، فى وقت نحن في أمس الحاجة فيه الى التعاون والتكاتف جنبا الى جنب حتى نستطيع بناء دولتنا على أسس قوية ومتينة نحيا فيها جميعا بعزة وكرامة مهما اختلفت الانتماءات الحزبية والأيديولوجية والجغرافية.
وبالتالي لابد من الإنتباه وأخذ الحيطة، فالمخاطر تواجه بلادنا فى الوقت الراهن، وخاصة على المستوى الأمني والإجتماعي والاقتصادى الذى وصل إلى مرحلة خطيرة، تتطلّب الحيطة والوحدة والتكاتف والتضامن حتّى نحافظ على أمن واستقرار الوطن وسلامته.
قد يقول البعض أن ما حصل في الفترة الأخيرة في البلاد من تجاذبات سياسية وصلت إلى حد السب والشتم والوعد والوعيد يحصل حتّى في أعرق البلدان الديمقراطية في العالم، ولكن غاب على هـؤلاء أن بلادنا لا تحتمل هذه الخلافات وهذا التناحر وهذا المستوى المتدني من الخطاب السياسي المتشنج المتعجرف، فمشاغلنا وهمومنا اليومية والحياتية تستوجب التهدئة وإشاعة روح التسامح والتضامن والتحابب بين أبناء الوطن الواحد.. مشكلتنا الأساسية اليوم هي مقاومة الإرهاب الذي يستوجب التصدي له وحدة وطنية حقيقية وتراصّ للصفوف وتكاتف وتعاون بين المواطنين وكل السياسيين في السلطة كانوا أو في المعارضة، ذلك أن الأمن والجيش وحدهما - ورغم ما يقومان به من مجهودات جبارة- لا يمكن لهما القضاء على هذا الغول وحماية بلادنا من خطره إذا كان الوطن مقسّما بين شمال وجنوب، بين إسلامي وعلماني، بين يساري ويميني، بين مساند لهذا الطرف ومعارض لذاك.. وانطلاقا من هذه المعطيات تصبح الهدنة والتهدئة مطلبان أساسيان لابد من توفّرهما للحد من التشنج والتوتّر والإحتقان المتواجد في البلاد والذي يهدد بما هو أخطر وأفظع، خصوصا وأننا استمعنا إلى دعوات غير بريئة لاستباحة الدماء والأعراض، وهي دعوات من شأنها أن تخلّف الفتنة وتشعل نيران الحقد والكراهية بين أبناء وطننا..
نرجو ونتمنى أن يتحلّى الجميع بالروح الرياضية ويرتقي السياسيون إلى مستوى الأمانة الوطنية ويُغلّبوا مصلحة تونس وأمنها وأمانها واستقرارها على مصالحهم الشخصية والحزبية الخاصة، فتونس للجميع من بنزرت إلى بنقردان، تونس المريضة اليوم نتيجة ممارساتهم وأفعالهم وهفواتهم هي في حاجة إلى فترة نقاهة، في حاجة إلى هدنة وفي حاجة إلى شفاء عاجل، وهذا الشفاء هو الاستقرار والعودة للعمل وتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن.

بقلم: عادل بوهلال